كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> ما ذكره من أن سياق الحديث هكذا هو ما في نسخ الكتاب لكن لفظ الكبير أتاني ملك لم ينزل إلى الأرض قبلها قط برسالة من ربي فوضع رجله فوق السماء الدنيا ورجله الأخرى ثابتة في الأرض لم يرفعها انتهى بنصه والمخرج والصحابي متحد

- ‏(‏طس‏)‏ وكذا أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في العظمة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لضعفه وهو تقصير بل حقه الرمز لحسنه فإنه وإن كان فيه صدقة بن عبد الله الدمشقي وضعفه جمع لكن وثقه ابن معين ودحيم وغيرهما وهو أرفع من كثير من أحاديث رمز لحسنها‏.‏

93 - ‏(‏أتاني ملك فسلم عليّ‏)‏ فيه أن السلام متعارف بين الملائكة ‏(‏نزل من السماء‏)‏ من النزول وهو الإهواء من علو إلى أسفل ‏(‏لم ينزل قبلها‏)‏ صريح في أنه غير جبريل ولا يعارضه رواية المستدرك أتاني جبريل لإمكان تعدد المجيء للبشارة فمرة جبريل وأخرى غيره ‏(‏فبشرني أن‏)‏ أي بأن ‏(‏الحسن والحسين‏)‏ لم يسم بهما أحد قبلهما ففي طبقات ابن سعد عن عمران بن سليمان أنهما اسمان من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية لكن في الكشاف ما يخالفه ‏(‏سيدا شباب أهل الجنة‏)‏ أي من مات شابا في سبيل الله من أهل الجنة ولم يرد سن الشباب حقيقة لموتهما وقد اكتهلا وهذا مخصوص بغير عيسى ويحيى لاستثنائهما في حديث الحاكم بقوله إلا ابني الخالة وقيل أراد أن لهما السؤدد على أهل الجنة وعليه فيخص بغير الأنبياء والخلفاء الأربعة ‏(‏وأن فاطمة‏)‏ أمهما ‏(‏سيدة نساء أهل الجنة‏)‏ قال المصنف فيه دلالة على فضلها على مريم سيما إن قلنا بالأصح أنها غير نبية وكانت فاطمة من فضلاء الصحابة وبلغاء الشعراء وكانت أحب أولاده إليه وإذا قدمت عليه قام إليها وقبلها في فمها، زاد أبو داود بسند ضعيف ويمص لسانها‏.‏ وفضائلها وفضائل ابنيها جمة ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لهم وثناؤه عليهم ونشره لغرر مآثرهم ‏[‏ص 106‏]‏ وباهر مناقبهم ومفاخرهم من الشهرة بالمحل الأرفع وقد بسط ذلك خلق في عدة مؤلفات مفردة

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن حذيفة‏)‏ بضم المهملة مصغراً ‏(‏ابن اليمان‏)‏ بفتح التحتية والميم واسم اليمان حسل بكسر الحاء المهملة الأولى وسكون الثانية ويقال حسيل بن جابر العبسي بموحدة تحتية ثم الأشهلي حليفهم صاحب السر منعه وأباه شهود بدر استخلاف المشركين لهم ورواه عنه أيضاً النسائي خلافاً لما أوهمه صنيع المؤلف من أنه لم يخرجه أحد من السنة ورواه بمعناه الحاكم وقال صحيح وأقرّه الذهبي‏.‏

94 - ‏(‏اتبعوا‏)‏ بتقديم المثناة الفوقية أمر بالإتباع ‏(‏العلماء‏)‏ العاملين يعني اهتدوا بهديهم واقتدوا بقولهم وفعلهم وما ذكر من أن الرواية اتبعوا بعين مهملة هو ما وقفت عليه في أصول قديمة من الفردوس مصححة بخط الحافظ ابن حجر ورأيت في نسخ من هذا الكتاب ابتغوا بالغين المعجمة وهو تصحيف من النساخ ‏(‏فإنهم سرج الدنيا‏)‏ بضمنين جمع سراج أي يستضاء بهم من ظلمات الجهل كما ينجلي ظلام الليل بالسراج المنير‏.‏ يهتدي به فيه فمن اقتدى بهم اهتدى بنورهم قال الزمخشري من المجاز سرج الله وجهه حسنه وبهجه ووجه مسرج والشمس سراج النهار والهدى سراج المؤمنين ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم السراج الوهاج انتهى‏.‏ وشبه العالم بالسراج لأنه تقتبس منه الأنوار بسهولة وتبقى فروعه بعده وكذا العالم ولأن البيت إذا كان فيه سراج لم يتجاسر اللص على دخوله مخافة أن يفتضح وكذا العلماء إذا كانوا بين الناس اهتدوا بهم إلى طلب الحق والسنة وإزاحة ظلم الجهل والبدعة ولأنه إذا كان في البيت سراج موضوع في كوة مسدودة بزجاجة أضاء داخل البيت وخارجه وكذا سراج العلم يضيء في القلب وخارج القلب حتى يرق نوره على الأذنين والعينين واللسان فتظهر فنون الطاعات من هذه الأعضاء ولأن البيت الذي فيه سراج صاحبه مستأنس مسرور فإذا طفئ استوحش فكذا العلماء ما داموا في الناس فهم مستأنسون مسرورون فإذا ماتوا صار الناس في غم وحزن ‏(‏فإن قلت‏)‏ ما الحكمة في التشبيه بخصوص السراج وما المناسبة التامة بينهما ‏(‏قلت‏)‏ المصباح تضره الرياح والعلم يضره الوسواس والشبهات والسراج لا يبقى بغير دهن والعلم لا يبقى بغير توفيق ولا بدّ للسراج من حافظ يتعهده ولا بدّ لمصباح العلم من متعهد وهو فضل الله وهدايته ولأن السراج يحتاج إلى سبعة أشياء زناد وحجر وحراق وكبريت ومسرجة وفتيلة ودهن فالعبد إذا طلب إيقاد سراج العلم لا بد له من قدح زناد الفكر قال الله تعالى ‏{‏والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا‏}‏ وحجر التضرع قال تعالى ‏{‏ادعوا ربكم تضرعاً‏}‏ وإحراق النفس بمنعها من شهواتها قال تعالى ‏{‏ونهى النفس عن الهوى‏}‏ وكبريت الإنابة قال الله عز وجل ‏{‏وأنيبوا إلى ربكم‏}‏ ومسرجة الصبر ‏{‏إن الله مع الصابرين‏}‏ وفتيلة الشكر قال تعالى ‏{‏اشكروا لله‏}‏ ودهن الرضا بالقضاء المشار إليه بقوله ‏{‏واصبر لحكم ربك‏}‏ ‏(‏فإن قلت‏)‏ لم لم يشبههم بالقمرين والنجوم مع أنها أرفع وأنور في المشارق والمغارب ‏(‏قلت‏)‏ آثره عليها لأنها يحجبها الغمام ونور العلم لا يحجبه سبع سماوات والشمس تغيب ليلاً والقمر يختفي نهاراً والعلم لا يغيب ليلاً ولا نهاراً بل هو هو وهو في الليل آكد ‏{‏إن ناشئة الليل هي أشدّ وطئاً وأقوم قيلاً‏}‏ والقمران يفنيان والعلم لا يفنى والقمران ينكسفان والعلم لا ينكسف والقمران تارة يضران وتارة ينفعان والعلم ينفع ولا يضر بشرطه والقمران في السماء زينة لأهل الأرض والعلم في الأرض زينة لأهل السماء وهما في الفوق ويضيآن ما تحت والعلم في قلب المؤمن وهو في التحت ويضيء ما فوقه وتحته وبهما بنكشف وجود الخالق وبالعلم ينكشف وجود الخالق وضوؤهما يقع على الولي والعدوّ والعلم ليس إلا للولي وشعاع الكواكب إلى أسفل وشعاع العلم يصعد إلى العلو والكواكب تطلع من خزانة الفلك والعلم يطلع من خزانة الملك والكواكب علامة والعلم كرامة والكواكب موضع نظر المخلوقين والعلم موضع نظر رب العالمين ‏"‏إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أقوالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم‏"‏ الكواكب نفعها في الدنيا والعلم نفعه في الدنيا والآخرة والشمس تسوّد الأشياء والعلم يبيضها والشمس تحرق ‏[‏ص 107‏]‏ والعلم ينجي من الحرق والقمر يبلي الثياب والعلم يجدد المعارف لأولي الألباب ‏(‏ومصابيح الآخرة‏)‏ جمع مصباح وهو السراج فمغايرة التعبير مع اتحاد المعنى للتفنن وقد يدعى أن المصباح أعظم فإن من السرج ما يضعف ضوؤه إذا قل سليطه ودقت فتيلته، ومن كلامهم ثلاثة تضني‏:‏ رسول بطئ وسراج لا يضيء ومائدة ينتظر لها من يجيء وهذا على طريق المجاز قال الزمخشري‏:‏ من المجاز رأيت المصابيح تزهو في وجهه وإنما كانوا كالمصابيح في الآخرة لأن الناس يحتاجون إلى العلماء في الموقف للشفاعة بل وبعد الدخول كما يجيء في خبر فينتفع بهم فيها كما ينتفع بالمصابيح ولذا يقال‏:‏ إن ذات العالم تكسى نوراً يضيء كالمصباح حقيقة‏.‏ ألا ترى أن هذه الأمة تدعى غراً محجلين من آثار الوضوء فالعالم يتميز على آحاد المؤمنين بأن تصير جثته كلها مضيئة وأشار بالترغيب في اتباع العلماء إلى الترهيب من مصادقة الجهلاء وفيه دليل على شرف العلم وإنافة محله وتقدم حملته وأهله وأن نعمة العلم من أفخر النعم وأجزل القسم وأن من أوتيه فقد أوتي خيراً كثيراً إن صحبه عمل وإلا فقد ضل سعي صاحبه وبطل

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ بن مالك وفيه القاسم بن إبراهيم الملطي قال الذهبي قال الدارقطني كذاب وأقرّه ابن حجر وجزم المؤلف في زيادات الموضوعات بوضعه فإيراده له هنا إخلال بشرطه

95 - ‏(‏أتتكم المنية‏)‏ جاءكم الموت قال في الصحاح‏:‏ المنية الموت من منى له أي قدر لأنها مقدرة وفي المفردات الأجل المقدر للحيوان ‏(‏راتبة‏)‏ أي حال كونها ثابتة مستقرة ‏(‏لازمة‏)‏ أي لا تفارق أي ثابتة في الأزل وإذا وقعت لا تنفك‏.‏ ‏{‏إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر‏}‏ ‏(‏إما‏)‏ بكسر فتشديد مركبة من إن وما ‏(‏بشقاوة‏)‏ أي مصاحبة لسوء عاقبة ‏(‏وإما بسعادة‏)‏ ضد الشقاوة أي كأنكم بالموت وقد حضرتم والميت لا محالة صائر إما إلى النار وإما إلى الجنة فالزموا العمل الصالح، وذلك أن الإنسان إذا بلغ حد التكليف تعلقت به الأحكام وجرت عليه الأقلام وحكم له بالكفر أو الإسلام وأخذ في التأهب لمنازل السعداء أو الأشقياء فتطوى له مراحل الأيام بجد واجتهاد واهتمام إلى الدار التي كتب من أهلها فإذا أتته المنية أشرف منها على المسكن الذي أعد له قبل إيجاده إما وإما فهناك يضع عصى السفر عن عاتقه وتستقر قواه وتصير دار العدل مأواه أو دار السعادة مثواه وبهذا التقرير انكشف لك أن الحديث من جوامع الكلم ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏ذكر الموت‏)‏ أي فيما جاء به

- ‏(‏هب عن زيد‏)‏ بن عطية ‏(‏السلمي‏)‏ الخثعمي ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا آنس من أصحابه غفلة أو غرة نادى فيهم بصوت رفيع أتتكم المنية إلى آخره‏.‏ وقد رمز المصنف لضعفه وهو كما قال إلا أن في مرسل آخر ما يقويه ويرقيه إلى درجة أحسن وهو ما رواه البيهقي عن الوضين بن عطاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحس من الناس بغفلة عن الموت جاء فأخذ بعضادتي الباب وهتف ثلاثاً وقال‏:‏ يا أيها الناس يا أهل الإسلام أتتكم المنية راتبة لازمة جاء الموت بما جاء به جاء بالروح والراحة والكرة المباركة لأولياء الرحمن من أهل دار الخلود الذين كان سعيهم ورغبتهم فيها لها ألا إن لكل ساع غاية وغاية كل ساع الموت سابق ومسبوق انتهى‏.‏

96 - ‏(‏اتجروا‏)‏ بكسر الهمزة والجيم أمر من التجارة وهي تقليب المال للربح‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ التجارة صناعة التاجر وهو الذي يبيع ويشتري للربح ‏(‏في أموال اليتامى‏)‏ قال الطيبي‏:‏ أصله اتجروا بها نحو كتبت بالقلم لأنه عدة للتجارة ومستقرها كقوله تعالى ‏{‏وأصلح لي في ذريتي‏}‏ أي أوقع لي الصلاح فيهم وفائدة جعل المال مقراً للتجارة أن لا ينفق من أصله بل يخرج الصدقة من الربح وإليه ينظر قوله تعالى ‏{‏ولا تؤتوا السفهاء أموالكم‏}‏ إلى قوله ‏{‏وارزقوهم فيها‏}‏ ‏(‏لا تأكلها‏)‏ أي لئلا تأكلها ‏(‏الزكاة‏)‏ أي تفنيها لأن الأكل سبب للفناء أو استعارة حيث جعل الصدقة مشابهة للطاعم ‏[‏ص 108‏]‏ ونسب إليها ما هو من لوازم المشبه به وهو الأكل مبالغة في كمال الافناء‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ من المجاز أكلت النار الحطب وائتكلت النار اشتد التهابها كأنما يأكل بعضها بعضاً وأخذ بقضية هذا الحديث المؤكد لعموم الأخبار الصحيحة الصريحة في إيجاب الزكاة مطلقاً بقول خمسة من الصحابة الشافعي كمالك وأحمد فأوجبوها في مالهم وخالف أبو حنيفة والقياس على فطرة بدنه الموافق عليها حجة عليه وأما فرق بعض أصحابه بأن الفطرة فيها معنى المؤنة ففيه تعسف وفيه أن على الولي استنماء المال المولى عليه قدر الزكاة والنفقة والمؤن إن أمكنه لا المبالغة فيه

- ‏(‏طس عن أنس‏)‏ بن مالك قال الهيتمي‏:‏ أخبرني شيخي يعني الزين العراقي أن سنده صحيح انتهى وإليه أشار في الأصل بقوله وصحح وأما هنا فرمز لحسنه وهو فيه متابع للحافظ ابن حجر فإنه انتصر لمن اقتصر على تحسينه فقط وقال‏:‏ إن الصحيح خبر البيهقي عن ابن المسيب عن عمر موقوفاً مثله وقال‏:‏ أعني البيهقي سنده صحيح‏.‏

97 - ‏(‏أتحب‏)‏ استفهام فيه معنى الشرط أي إن أحببت أيها الرجل الذي شكى إلينا قسوة قلبه ‏(‏أن يلين قلبك‏)‏ يترطب ويتسهل قال الزمخشري‏:‏ من المجاز رجل لين الجانب ولان لقومه وألان لهم جناحه ‏{‏فبما رحمة من الله لنت لهم‏}‏ وهو لين الأعطاف وطئ الأكتاف ‏(‏وتدرك حاجتك‏)‏ أي تظفر بمطلوبك فقال الرجل بلى يا رسول الله قال ‏(‏ارحم اليتيم‏)‏ أي الذي مات أبوه فانفرد عنه واليتم الانفراد ومنه الدرة اليتيمة للمنفردة في صفائها والرملة اليتيمة ذكره في الكشاف وذلك بأن تعطف عليه وتحنو حنواً يقتضي التفضل عليه والإحسان إليه كناية عن مزيد الشفقة والتلطف به‏.‏ ولما لم تكن الكناية منافية لإرادة الحقيقة لإمكان الجمع بينهما كما تقول فلان طويل النجاد وتريد طول قامته مع طول علاقة سيفه قال ‏(‏وامسح رأسه‏)‏ تلطفاً وإيناساً أي بالدهن إصلاحاً لشعره أو باليد لما جاء في حديث آخر يشعر بإرادة مسح رأسه مع ذلك باليد وهو ما رواه أحمد والترمذي عن أبي أمامة مرفوعاً من مسح على رأس اليتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة وإسناده كما قال ابن حجر ضعيف وإطلاق الأخبار شامل لأيتام الكفار ولم أر من خصها بالمسلم وفي حديث سيأتي عن الحبر أن اليتيم يمسح رأسه من أعلاه إلى مقدمه وغيره بعكسه قال زين الحافظ العراقي‏:‏ وورد في حديث ابن أبي أوفى أنه يقال عند مسح رأسه جبر الله يتمك وجعلك خلفاً من أبيك ‏(‏وأطعمه من طعامك‏)‏ أي مما تملكه من الطعام أو لا تؤثر نفسك عليه بنفيس الطعام وتطعمه دونه بل أطعمه مما تأكل منه ‏(‏يلين قلبك‏)‏ بالرفع على الاستئناف وبالجزم جواباً للأمر ‏(‏وتدرك حاجتك‏)‏ أي فإنك إن أحسنت إليه وفعلت ما ذكر يحصل لك لين القلب وتظفر بالبغية وفيه حث على الإحسان إلى اليتيم ومعاملته بمزيد الرعاية والتعظيم وإكرامه لله تعالى خالصاً قال الطيبي وهو عام في كل يتيم سواء كان عنده أو لا فيكرمه وهو كافله أما إذا كان عنده فيلزمه أن يربيه تربية أبيه ولا يقتصر على الشفقة عليه والتلطف به ويؤدبه أحسن تأديب ويعلمه أحسن تعليم ويراعي غبطته في ماله وتزويجه، وفيه أن مسح رأسه سبب مخلص من قسوة القلب المبعدة عن الرب فإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي كما ورد في عدة أخبار قال الزين العراقي لكن قيده في حديث أبي أمامة المار بأن لا يمسحه إلا لله قال ولا شك في تقييد إطلاق المسح به لأنه قد يقع مسحه لريبة كأمرد جميل يريد مؤانسته بذلك لريبة كشهوة وإن لم يكن مسح الشعر مفضياً إلى الشهوة فربما دعى إلى ذلك انتهى وفيه أن من ابتلي بداء من الأخلاق الذميمة يكون تداركه بما يضاده من الدواء فالتكبر يداوى بالتواضع والبخل بالسماحة وقسوة القلب بالتعطف والرقة، قال في الكشاف وحق هذا الاسم أعني اليتيم أن يقع على الصغار والكبار لبقاء معنى الانفراد عن الآباء إلا أنه غلب أن يسموه به قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال فإذا استغنوا عن كافل وقائم وانتصبوا كفاة يكفلون غيرهم زال عنهم، وكانت قريش تقول ‏[‏ص 109‏]‏ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم آل أبي طالب على القياس أو حكاية حال كان عليها صغيراً توصيفاً له وأما خبر ‏"‏لا يُتْمَ بعد احتلام‏"‏ فما هو إلا تعليم شريعة لا لغة يعني أنه إذا احتلم لم تجر عليه أحكام الصغار انتهى

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال‏:‏ أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه فذكره قال المنذري رواه الطبراني من رواية بقية وفيه راو لم يسم وبقية مدلس وروى أحمد بسند قال الهيتمي تبعاً لشيخه الزين العراقي صحيح أن رجلاً شكى إلى المصطفى قسوة قلبه فقال له امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين‏.‏

98 - ‏(‏اتخذ الله إبراهيم خليلاً‏)‏ اصطفاه وخصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله من تردد الرسل بالرحمة بينه وبينه وإجابة الدعوة وإظهار الخوارق عليه وعلى آله والنصر على أعدائه وغير ذلك من المزايا والمواهب، والخليل المخالل وهو الذي يخاللك أي يوافقك في خلالك أو يسايرك في طريقك من الخل الطريق في الرمل أو يسد خللك كما تسد خلله أو يدخلك خلال منزله ذكره الزمخشري وقال القاضي سمي خليلاً من الخلة بالفتح الخصلة فإنه وافقه في خصاله أو من الخلة بالفتح أيضاً الحاجة لانقطاعه إلى ربه وقصره حاجته عليه أو من الخلة بالضم وهي التخلل، فإن الحب تخلل شغاف قلبه بحيث لم يدع به خلالا إلا ملأه لما خاللـه من أسرار الهيبة ومكنون الغيوب والمعرفة لاصطفائه عن أن يطرقه نظر لغيره قال الراغب‏:‏ الخلة تنسب إلى العبد لا إليه تعالى فيقال إبراهيم خليل الله ولا يقال الله خليله وهو وإن كان من الأسماء المتضايفة التي يقتضي وجود أحدهما وجود الآخر وارتفاعه ارتفاعه لكن ليس المراد بقولهم إبراهيم خليل الله مجرد الصداقة بل الفقر إليه وخص إبراهيم وإن شاركه كل موجود في افتقاره إليه لأنه لما استغنى عن المقتنيات من أعراض الدنيا واعتمد على الله حقاً وصار بحيث إنه لما قال له جبريل ألك حاجة قال أما إليك فلا فصبر على إلقائه في النار وعرض ابنه للذبح لاستغنائه عما سواه فخص بهذا الاسم ‏(‏وموسى‏)‏ بن عمران ‏(‏نجياً‏)‏ خصه بالنجوى أي الخطاب والنجي المناجي الواحد وهو الذي يخاطب الإنسان ويحدثه سراً وهو من قوله تعالى ‏{‏وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً‏}‏ والتناجي التساور ‏(‏واتخذني حبيباً‏)‏ فعيل بمعنى مفعول وقضية السياق أنه أعلى درجة من الأوصاف المثبتة لغيره ممن ذكر من الأنبياء ‏(‏ثم قال وعزتي‏)‏ قوتي وغلبتي ‏(‏وجلالي‏)‏ عظمتي والجلالة عظم القدر والجلال بغير هاء التناهي في ذلك وخص بالله فلا يطلق على غيره كما سيجيء ‏(‏لأوثرن‏)‏ بلام القسم وضم الهمزة وشد النون لأفضلن ‏(‏حبيبي على خليلي‏)‏ إبراهيم ‏(‏ونجيي‏)‏ أي مناجي موسى، نبه به على أنه أفضل الرسل وأكملهم وجامع لما تفرق فيهم فالحبيب خليل ومكلم ومشرف وقيل من قاس الحبيب بالخليل فقد أبعد لأن الحبيب من جهة القلب يقال حببته أي أصبت حبه قلبه كما يقال كبدته ورأسته وفأدته أي أصبت كبده ورأسه وفؤاده والخليل من الخلة وهي الحاجة كما مر وقد آثره أيضاً بالنظر، روى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس بإسناد حسن جعل الله الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والنظر لمحمد صلى الله عليه وسلم قال الراغب يستعار الأثر للفضل والإيثار للتفضيل والاستئثار للتفرد بالشيء دون غيره والأكثر على أن درجة المحبة أرفع وقيل عكسه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى ثبوت الخلة لغير ربه وأثبت المحبة لفاطمة وابنيها وغيرهم وقيل هما سواء‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ في كتاب البعث والحكم والديلمي وابن عساكر ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وضعفه مخرجه البيهقي وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال تفرد به مسلمة الخشني وهو متروك والحمل فيه عليه ونوزع بأن مجرد الضعف أو الترك لا يوجب الحكم بالوضع‏.‏

99 - ‏(‏اتخذوا‏)‏ خذوا أخذ معتن بالشيء مجتهد فيه، والأمر للندب المؤكد ‏(‏السراويلات‏)‏ التي ليست بواسعة ولا طويلة جمع ‏[‏ص 110‏]‏ سراويل أعجمي عرب جاء بلفظ الجمع وهو مفرد يذكر ويؤنث والسراوين بنون والشراويل بشين معجمة لغة ‏(‏فإنها من أستر ثيابكم‏)‏ أي أكثرها ستراً ومن مزيدة لسترها للعورة التي يسيء صاحبها كشفها وفيه ندب لبس السراويل لكن إذا لم تكن واسعة ولا طويلة فإنها مكروهة كما جاء في خبر آخر وفي تفسير ابن وكيع أن إبراهيم أول من تسرول قال الداراني‏:‏ لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً أوحى إليه أن وار عورتك من الأرض فكان لا يتخذ من كل شيء إلا واحداً سوى السراويل فيتخذ اثنين فإذا غسل أحدهما لبس الآخر حتى لا يأتي عليه حال إلا وعورته مستورة به وروى أبو يعلى أن عثمان لما حوصر أعتق عشرين رقبة ثم دعا بسراويل فشدها عليه ولم يلبسها في الجاهلية ولا في الإسلام ثم قال‏:‏ إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في المنام وأبا بكر وعمر وقالوا‏:‏ اصبر فإنك تفطر عندنا الليلة القابلة ثم دعا بالمصحف فنشره بين يديه فقتل وهو بين يديه فدل هذا على أنه أبلغ ما تستر به العورة لأنه لم يلبسه إلا عند تحققه أنه مقتول فآثره لأنه أبلغ في صون عورته عن أن يطلع عليها أحد عند قتله ‏(‏وحصنوا‏)‏ استروا ‏(‏بها نساءكم‏)‏ أي صونوا بها عورات نسائكم يقال حصن نفسه وماله ومدينة حصينة وتحصن اتخذ الحصن مسكناً ثم يتجوز به في كل تحرز ومنه درع حصين لكونه حصناً للبدن ‏(‏إذا خرجن‏)‏ من بيوتهن لما فيها من الأمن من انكشاف العورة بنحو سقوط أو ريح فهو كحصن مانع وكالخروج وجود أجنبي مع المرأة بالبيت ذكره جمع‏.‏ قالوا‏:‏ ولم يثبت أن نبياً لبسها لكن روى أحمد والأربعة أنه اشتراها وقول ابن القيم الظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها وهم فقد يكون اشتراها لبعض نسائه وقول ابن حجر في شرائه لغيره بعد غير مرضى إذ لا استبعاد في شرائه لعياله وما رواه أبو يعلى وغيره أنه أخبر عن نفسه بأنه لبسه فسيجيء أنه موضوع فلا يتجه القول بندب لبس السراويل حينئذ لأنه حكم شرعي لا يثبت إلا بحديث صحيح أو حسن ومن وهم أن في خبر لا يلبس المحرم السراويل دليل لسن لبسه للرجل فقد وهم إذ لا يلزم من نهي المحرم عن لبسه لكونه مخيطاً ندب لبسه لغيره

- ‏(‏عق عد والبيهقي في‏)‏ كتاب ‏(‏الأدب‏)‏ كلهم ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين قال‏:‏ كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم بالبقيع في يوم دجن أي غيم ومطر فمرّت امرأة على حمار فسقطت فأعرض عنها فقالوا‏:‏ إنها متسرولة فذكره في حديث طويل ثم أعله مخرجاه العقيلي وابن عدي بمحمد بن زكريا العجلي فقال العقيلي‏:‏ لا يعرف إلا به ولا يتابع إلا عليه وقال أبو حاتم‏:‏ حديثه منكر وقال ابن عدي‏:‏ حدث بالبواطيل ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه لكن تعقبه ابن حجر بأن البزّار والمحاملي والدارقطني رووه من طريق آخر قال‏:‏ فهو ضعيف لا موضوع وذكر نحوه المؤلف في مختصر الموضوعات‏.‏

100 - ‏(‏اتخذوا‏)‏ إرشاداً ‏(‏السودان‏)‏ جمع أسود وهو اسم جنس ‏(‏فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة‏)‏ أي من أشرافهم وكبرائهم ولا ينافي الأمر بمطلق الاتخاذ هنا خبر من اتخذ من الخدم غير ما ينكح ثم بغين كان عليه مثل لثامهنّ لأن ما هنا في الذكور وما في الخبر في الإناث اللاتي يطؤهنّ فقط أو أن هذا فيه معنى الشرط أي إن كنت متخذاً ولا بد فاتخذ السودان ‏(‏لقمان‏)‏ بن باعوراء ‏(‏الحكيم‏)‏ عبد حبشي لداود عليه السلام أو لرجل من بني إسرائيل أعطاه الله الحكمة لا النبوة عند الجمهور وكان نجاراً وقيل خياطاً وقيل ابن أخت أيوب النبي غليه الصلاة والسلام وقيل ابن خالته وقيل كان قاضياً وكان عظيم الشفتين مشقق القدمين فقيل له‏:‏ ما أقبح وجهك قال‏:‏ تعيب النقش أو النقاش، روى ابن الجوزي عن إبراهيم بن أدهم أن قبر لقمان بين مسجد الرملة ومحل سوقها الآن وفيها قبور سبعين نيباً أخرجهم بنو إسرائيل فماتوا كلهم في يوم جوعاً ‏(‏و‏)‏ الثاني ‏(‏النجاشي‏)‏ بفتح النون وتكسر من النجش وهو الإنارة واسمه أصحمة كأربعة بمهملات وقيل بخاء معجمة حكاه الإسماعيلي وقيل مكحول قال في الكشاف‏:‏ ومعناه بالعربية عطية ‏(‏و‏)‏ ‏[‏ص 111‏]‏ الثالث ‏(‏بلال‏)‏ ككتاب الحبشي وما قيل من أنه ولقمان نوبيان لم يثبت ‏(‏المؤذن‏)‏ للنبي من السابقين الأولين الذين عذبوا في الله تعالى‏.‏ فإن قلت‏:‏ هذا يعارضه خبر إياكم والزنج وخبر اجتنبوا هذا السواد فإنه خلق مشوه وخبر إنما الأسود لبطنه وفرجه‏.‏ قلت‏:‏ كلا لأن الأسود ينقسم إلى زنجي وحبشي فالمرهوب منه الزنجي والمرغوب فيه الحبشي وهؤلاء من الحبشان، ثم رأيت راوي الخبر وهو الطبراني قال‏:‏ أراد الحبش هذا لفظه وروى الديلمي بسند ضعيف عن ابن عمر مرفوعاً من أدخل بيته حبشياً أو حبشية أدخل الله بيته بركة وقد صنف المؤلف كتاباً في فضل الحبشان سماه رفع شأن الحبشان استوعب فيه الأحاديث الواردة في ذلك قال‏:‏ وروى البيهقي عن الشافعي ما نقص من أثمان السودان إلا لضعف عقولهم ولولا ذلك لكان لوناً من الألوان ومن الناس من يفضله على غيره قال ابن الجوزي‏:‏ والسواد لون أصلي لكنا روينا أن بني نوح اقتسموا الأرض فنزل بنو سام سرة الأرة فكانت فيهم الأدمة والبياض وبنو يافث الشمال والصبا فكانت فيهم الحمرة والشقرة وبنو حام مجرى الجنوب والدبور فتغيرت ألوانهم، وما روي أن نوحاً انكشفت عورته فلم يغطها حام فدعا عليه فاسودّ لم يثبت

- ‏(‏حب في‏)‏ كتاب ‏(‏الضعفاء‏)‏ والمتروكين ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيتمي بعد عزوه الطبراني فيه أبين بن سفيان وهو ضعيف وقال غيره فيه أيضاً أحمد بن عبد الرحمن الحراني أورده الذهبي في الضعفاء وقال قال أبو عروبة ليس بمؤتمن على دينه عن أبين بن سفيان المقدسي قال في اللسان عن الدارقطني ضعيف له مناكير وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأقره عليه المؤلف في الكبير لكن نازعه في مختصر الموضوعات على عادته وبالجملة فإن سلم عدم وضعه فهو شديد الضعف جداً‏.‏

101 - ‏(‏اتخذوا‏)‏ ندباً ‏(‏الديك‏)‏ بكسر الدال ذكر الدجاج وجمعه ديوك وديكه كعنب وعنبة وله أسماء وكنى كثيرة مستوفاة في حياة الحيوان ‏(‏الأبيض‏)‏ أي اقتنوه في بيوتكم فإن له خواص كثيرة ذكر منها ابن البيطار في مفرداته جملة ومن خواصه طرد الشيطان والسحر كما قال ‏(‏فإن داراً فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان‏)‏ فيعال من شطن بعد لبعده عن الحق أو فعلان من شاط بطل أو احترق غضباً ‏(‏ولا ساحر‏)‏ يسحر بمعنى أنه لا يؤثر في أهلها سحر ساحر ‏(‏ولا الدويرات‏)‏ بالتصغير جمع دار ‏(‏حولها‏)‏ أي المحلات حول تلك الدار والدار اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة ذكره القاضي‏.‏ وقال الراغب‏:‏ الدار المنزلة اعتباراً بدورانها الذي لها بالحائط قال التوربشتي‏:‏ الدار لغة العامر المسكون والعامر المنزول من الاستدارة لأنهم كانوا يخطون بطرف رمحهم قدر ما يريدون إحياءه مسكناً وقال الحراني‏:‏ أصلها ما أرادته العرب من البيوت كالحلقة استحفاظاً لما حوته من أموالها

- ‏(‏طس عن أنس‏)‏ بن مالك قال الهيتمي‏:‏ فيه محمد بن محصن العكاشي كذاب انتهى‏.‏

102 - ‏(‏اتخذوا‏)‏ ندباً وارشاداً ‏(‏هذه الحمام‏)‏ كسحاب ما عب وهدر أي شرب الماء بلا مص وصوت يقع على الذكر والأنثى ودخول الهاء لإفادة الوحدة لا للتأنيث قال ابن العماد‏:‏ ويقع على الذي يألف البيوت واليمام والقماري وساق حر والفاختة والقطا والورشان والعصفور والفتح والحجل والدراج ‏(‏المقاصيص‏)‏ جمع مقصوصة أي مقطوعة ريش الأجنحة لئلا تطير‏.‏ يقال‏:‏ قصصت الشعر أي قطعته وقصصته بالتثقيل مبالغة ‏(‏في بيوتكم‏)‏ بضم الباء وتكسر أي أماكن سكنكم ‏(‏فإنها تلهي‏)‏ من لها يلهو لعب ‏(‏الجن عن‏)‏ عبثهم بنحو ‏(‏صبيانكم‏)‏ وأذاهم قيل وللأحمر في ذلك مزيد خصوصية ‏[‏ص 112‏]‏ ولعل وجهه أن الجن تحب من الألوان الحمرة كما ورد في خبر فإذا كان الحمام باللون المحبوب لهم كانوا أكثر إقبالاً على اللهو به والإشتغال به عن العبث بالأطفال قال في القاموس‏:‏ ومجاورتها أمان من الخدر والفالج والسكتة والجمود والثبات ومن فوائد اتخاذ الحمام أنه يطرد الوحشة فقد أخرج الخطيب في التاريخ عن ابن عباس قال‏:‏ شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوحشة فقال‏:‏ اتخذ زوج حمام يؤنسك في الليل لكن فيه محمد بن زياد كذاب وأخرج ابن السني عن معاذ أن علياً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوحشة فأمره أن يتخذ زوج حمام ويذكر الله تعالى عند هديره وأشار المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله المقاصيص إلى عدم اتخاذ غيرها فإنه يجر إلى اللعب به بالتطير أو المسابقة وذلك مكروه بل ترد الشهادة بإدامته وفيه جواز حبس الطير في القفص مع القيام بمؤنته قال في شرح المقاصد‏:‏ والجن أجسام لطيفة هوائية تتشكل بأشكال مختلفة ويظهر منها أحوال عجيبة والشياطين أجسام نارية شأنها إلقاء الناس في الفساد والغواية انتهى‏.‏ والظاهر أن المراد هنا كل منهما كما يدل عليه السياق ‏(‏الشيرازي‏)‏ أبو بكر أحمد بن عبدان الملقب بالباز الأبيض منسوب إلى شيراز بكسر المعجمة فمثناة تحتية وآخره زاي‏:‏ قصبة بلاد فارس ودار الملك خرج منها جماعة من أهل التصوف والفقه والحديث منهم هذا الحافظ ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الألقاب‏)‏ أي ألقاب الرواة

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة محمد بن زياد اليشكري ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ قضبته أن مخرجه الخطيب خرجه ساكتاً عليه والأمر بخلافه فإنه عقبه بنقله عن أحمد وابن معين وغيرهما أن محمد بن زياد كان كذاباً يضع الحديث انتهى‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ فيه محمد بن زياد اليشكري كذبوه وفي الميزان كذاب وضاع ثم أورد له هذا الخبر يروي الموضوعات عن الأثبات ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتبعه المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتاً عليه وحكاه عنه في الكبير وأقره فكان ينبغي حذفه من هذا الكتاب وفاء بشرطه وممن جزم بوضعه ابن عراق والهندي وغيرهما وما في الأدب المفرد للبخاري عن الحسن سمعت عثمان يأمر في خطبته بقتل الكلاب وذبح الحمام فلا دلالة فيه على وضع هذا الحديث ولا عدمه كما وهم‏.‏

103 - ‏(‏اتخذوا‏)‏ ندباً وإرشاداً ‏(‏الغنم‏)‏ محركة الشاء لا واحد لها من لفظها الواحدة شاه اسم مؤنث للجنس يقع على الذكر والأنثى ‏(‏فإنها بركة‏)‏ أي خير ونماء لسرعة نتاجها وكثرته لأنها تنتج في العام مرتين وتولد الواحد والاثنين ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها وجه الأرض والسباع تلد ستاً وسبعاً ولا يرى منها إلا الواحد في الأطراف ومن ثم ورد ما من نبي إلا ورعى الغنم، زاد البخاري قالوا‏:‏ وأنت يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ وأنا رعيتها لأهل مكة على قراريط أي كل شاة بدينار وقيل موضع بقرب مكة وقد كان التفاخر بالغنم بين أهل اللسان معروفاً من قديم الزمان حسبما يشهد بذلك قصائد فحول قدماء الشعراء كامرئ القيس ‏.‏